الثلاثاء، 26 مايو 2009

ما حك جلدك

مرات بحس إنو العرب شاطرين في إشي واحد. الحكي. بعدين في عندنا قدرة غريبة على اختيار الكلمات بعناية، يا ريت بنقدر نختار التصرفات والأفعال بهذا الشكل. طبعاً أنا مش بحكي عن حد معين لأنو أن بطبيعة الحال كتير بتصرف هيك.
بس يعني خلونا نفكر، لما إحنا انطردنا من بيوتنا في 48 سميناها نكبة. هي صحيح كانت نكبة على المستوى الفردي لكل فلسطيني سواء انطرد من بيتو وصار مهجر أو ضل في بيته وصار جزء من حالة غريبة. بس ليش إحنا مصرين إنه بعد ستين سنة من الموضوع انضل نسميها نكبة؟ وليش اخترنا هذا الاسم بالذات مش أي اسم تاني.
يعني اللي صار بال 48 بكل المقاييس هو هزيمة. والهزيمة فيها عنصرين: أولاً الهروب من مكان ما، وثانياً خسارة مادية مرتبطة بهذا الهروب. بس احنا اخترنا انو ما نستخدم هذا الاسم لإنو معناه احنا مش رجال. وطبعاً لإنو إحنا رجال فإحنا ما انهزمنا. الهزيمة هي نتيجة لعمل (أو عدمه)، بس إحنا صراحة ما عملنا شي. وكما إذا احنا استخدمنا مصطلح هزيمة فمعناه إنو إحنا كان لازم نعمل معركة تانية عشان نعكس الهزيمة.
النكبة في المقابل، هي حدث بصير خارج عن إرادنا وسيطرتنا. وعادة بنحكي عن المناطق المنكوبة لما بصير فيها زلزال أو إعصار. يعني الناس اللي بعيشو في هاي المناطق ما بيكون في إيدهم اشي يعملوه فبيخسروا كل إشي عندهم وبصيرو منكوبين. والنكبة بطبيعتها ما بتقدر اتجاهها اشي. بالعكس أنت كشخص منكوب لازم الناس يساعدوك، ما إنت بتكون خسرت كل إشي عندك وبحاجة لهيك مساعدة.
في المقابل الهزيمة غير. الهزيمة معناها إنك إنت ند، أنك كنت في معركة، وإنك بذلت اللي بتقدر عليه. خسرت، صح. بس عملت اللي بتقدر عليه قبل ما تخسر. و لإنك خسرت مشر راح تقبل إنه تبقى مهزوم، لإنو الهزيمة، بطبيعتها، هي حالة مرحلية انت بتقدر تتحداها وتخطط لتجاوزها.
عشان هيك اختيار اسم النكبة كا اختيار كتير موفق. موفق لإنو مريح، يعني كشخص منكوب ما عليك مسؤوليات، ولكن إلك حقوق. إلك ق ضاع في نكبتك، وإلك حق في إنك تحافظ على حياتك واللي ضل منها. والك حق على الناس إنهم يساعدوك.
إحنا راح ننتصر لما بنفهم إنو إحنا مش منكوبين. جيل ما انتكب. جيلنا هو جيل عاني من آثار هزيمة هو ما عاشها وما كان طرف فيها. عشان هيك لازم بنطل نحكي عن النكبة ونصير محكي عن النصر. النصر اللي بدو يعكس آثار الهزيمة اللي عاشوها اجدادنا، لإنو المثل بحكي ما حك جلد مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق