الاثنين، 17 يناير 2011

شكراً تونس


شكراً تونس، فقد تعلمنا أخيراً معنى كلمات ابنك "إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر". تفاجأنا أن الشعب يمتلك من القوة ما يجعل كل رصاص الأرض يرتعد خوفاً وما يجعل الطاغية ضعيفاً وإن احتمى بآلاف المرتزقة.

تعلمنا أن الثورة تكمن في عقول الناس. وأن الثورة تحتاج فقط إلى أمران رؤية واضحة وتصميم. هذا ما كان في تونس. رؤية واحدة "خبز وماء وبن علي لأ" وتصميم لم ينثني حتى أمام إغراءات الديكتاتور ووعود زائفة بحرية ومساواة ومحاسبة للفاسدين.

على مدى ما يقارب الشهر كانت بذور الثورة تنتشر في كافة انحاء البلاد، والمجنون بعظمته لم ينتبه أن ما يجري ليس مجرد مظاهرات عادية تندد بغلاء الأسعار أو تحمل مطالب هامشية. لم يرى بن علي أن تلك المظاهرات اصبحت منذ أسبوعها الأول تضم اضافة إلى العاطلين عن العمل، المهنيين من محامين وقضاة وصحافيين. وفي غياهب جنونه قام بإلقاء خطابه الأول الذي وصف فيه المتظاهرين بأن لهم أجندة خفية تدفعهم للعبث بأمن تونس واقتصادها، ناسياً، أو غير آبه، إلى أن لا أجندة خفية قد تدفع شاباً متعلماً لحرق نفسه على الملأ.

ثم جاءت الموجة الثانية من التظاهرات بشكل أعنف، وأكثر رخماً. ومرة أخرى راوده جنونه عن نفسه وفسر الأمر على أنه تحالف شرير بين قوى يسارية وأخرى إسلامية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في البلاد. ووعد شعبه بالقمع، و300 ألف وظيفة. لم يأبه الشعب المحبط من الوعودات، كسائر إخوانه في الدول العربي، بكلام الجرائد، واستمر في ثورته.

استمرت المظاهرات، حتى طلع الرئيس بخطاب الاستسلام. "أنا فهمتكم" قال، بدري عليك 23 سنة وأنت تسرق في البلد والآن فهمت؟ بس الشعب كان عنده كلمة واحدة "بن على لأ". ولأن الشعب أقوى، الشعب انتصر.

من الممكن أن لا تسير الأمور كما أتمنى لها أن تسير. اليوم تم الإعلان عن حكومة جديدة تضم رموزاً كان الأولى استبعادهم من الحكومة السابقة (بالتحديد وزراء الداخلية والدفاع والمالية) لكن في ظل الوضع القائم، أتمنى أن تتمكن الحكومة (وأن تكون لديها الإرادة اللازمة) من إجراء انتخابات ديمقراطية وحرة، والأهم أن تتمكن كافة القوى الديمقراطية من المشاركة في تلك الانتخابات.

علمتنا تونس معنى الثورة. علمتنا أيضاً معنى القوة، وعلمتنا كذلك أن الاحتلال لا يحتاج لأن يكون أجنبياً ثد يلبس الاحتلال جلدتنا ويحاربنا، بل وقد يكون أكثر وحشية من الاحتلال الأجنبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق