الأربعاء، 31 مارس 2010

كل عام وأرضكم بخير


كل عام وأرضكم بخير


في هذا الوقت من العام بالتحديد تعتري الأرض خصوبة ذات إغوءه أخاذة ولا يحتمل الأمر من الناس إلا أن يخرجوا ليستمتعوا بهذا الجمال البهي للأرض. وأما الخير الذي يجلبه هذا الوقت لأجله تنتشي النفوس وتهم السواعد لتداعب الأرض ويتعزز عاما بعد عام الارتباط بالأرض فيصعب على الإنسان أن يمر عليه عام دون أن يمارس الحب مع معشوقته الأم.

لا أذكر بأن عاما مضى دون أن تتكاثف فيه الدعوات في الثلاثين من آذار لخروج الفلسطينيين لزراعة الأرض أو للقطاف أو لزيارتها على الأقل. وذلك تعزيزا لقيمة الارتباط بالأرض وتخليدا لذكرى من هبوا يوما في أصعب الظروف لمواجهة الغاصب الاسرائيلي الذي قرر بأن يصادر الأرض ويطرد أصحابها الفلسطينين عنها مقتلعا بذلك الإنسان والعلاقة التي تربطه بأرضه. إنه لمن الدناءة ومن الذكاء أيضا أن يستخدم الاسرائيليون ذلك السلاح ضد الفلسطينيين. لا يبدو ذلك غريبا أبدا وخاصة بأن إحدى أولى الأمور التي عمل المحتل الاسرائيلي على بنائها إبان إنشاء" الدولة اليهودية" هو "الكيبوتس" أو التجمع السكاني الذي يضم مجموعات من المزارعين والعمال اليهود المهاجرين من عدد من البلدان المختلفة ولا تجمعهم صفة أو تقاليد موحدة. وقد أثرت هذه التجمعات بشكل ايجابي وجوهري في بناء ما يسمونه الدولة لأن انتاجه لم يقتصر على المحاصيل بأنواعها وأشكالها بل أيضا أنتج العقلية والهوية الاسرائيلية المعاصرة التي يؤمن أبناؤها بأنهم يعيشون على أرضهم التي تعتبر حقهم ليس فقط تباعا للرواية التاريخية بل أيضا تبعا للممارسة والعمل في هذه الأرض.

تحققت الأهداف بأن ينتزع الفلسطينينون من أرضهم ويصادرها الاسرائيليون ولكن ذلك لم يمنع الفلسطينين على مدى العقود الماضية بأن يخرجوا في مناسبة يوم الأرض التي أظن الجميع على علم بقصتها، على الأقل لإحياء ذكرى الأبطال الذين سقطوا مقابل رفضهم التفريط بالأرض.


إلا أن هذا العام حمل معه في هذا اليوم صعقة كبيرة بالنسبة إلي، حيث أن مناظرة انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت عقدت في يوم الأرض أي الثلاثين من آذار، لا أدري إن كان هذا أمرا مدبرا أم أنه مجرد صدفة محضة. وفي الحالتين لا يمكن تجاوز الموقف واعتباره شيئا عاديا. إن دورالأحزاب ولجان العمل التطوعي الطلابية في جامعة بيرزيت على وجه الخصوص معروف ومشاد به عبر السنوات الماضية فقد كان لهذه الحركة دورها البارز في توجيه وقيادة المجتمع والحالة الفلسطينية إلا أن طلاب الجامعة كانوا منشغلين في تقاذف التهم التي لا تعني الطلاب أو مشكلاتهم بل تعني المصالح الشخصية البحتة لأغلب الأبواق التي تصدح في ميدان الجامعة فقط. اليوم يغيب دور طلاب جامعة بيرزيت ورؤساء الكتل والأحزاب الممثلة داخل الجامعة في تعزيز مفهوم الارتباط بالأرض لا بل يمكن أن نقول أيضا بأنه لم يكن هناك أي استجابة أو تفاعل في هذا اليوم، وكأن الخطر الذي شعر به الفلسطينينيون في 1976 وأدى إلى الهبة الجماعية لم يعد موجودا وانغمسنا في فرديتنا من جديد ليصبح كل منا مسؤولا عن وقف الوحش الاسرائيلي عن التهامه، مع أننا اليوم في ظرف لا نحسد عليه والمصادرة للأراضي الفلسطينية تجري على قدم وساق.


لم يخل يوم الثلاثين من آذار، حمدا وشكرا، من مجموعة من الاجانب الذين شاهدتهم في الصباح وأنا ذاهبة إلى عملي منطلقين لغرس شتلات من الزيتون في قرية الجيب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق